top of page
  • webshaykh

Destruction of al-Jawf's Heritage


مدن الجوف .. مستباحة كانت زيارة تفقدية اختلطت فيها مشاعر الدهشة بالأسف ، دهشة من مآثر شاهدة على ماضي حضاري تليد وأسف لحاضر ما زال منغمسا في بؤسه يتناوشه جهل وفقر ولا مبالاة. كانت مدينة براقش هي أول ما تراءت لنا على مرتفع تحيط به أرض مستوية شاسعة ، وهذا التكوين الجغرافي هو ما سيقابلنا في مدن الجوف الأخرى : معين ، الخربة ، السوداء ، البيضاء كأن يد القدرة الإلهية صممت تلك المواقع المرتفعة في تلك البوادي مشرفة على الوديان الخصيبة وطرق التجارة . ما زال سور مدينة براقش ظاهراً سليماً في معظمه ، درنا حول المدينة من أسفل نتلمس المدخل ، لم نجد حارساً ولا مشرفاً ولا فضولياً ! صعدنا إلى المدينة وتخيلت ساكنيها في حياتهم اليومية ، و حين وقفت على بوابتها تصورت قافلة الإبل محملة باللبان والمر والبخور وتخيلت تجاراً آخرين وهم يعدون قافلة تتجهز للمسير إلى شمال جزيرة العرب حيث مدينة ددان ( العلا اليوم ) في طريقها لغزة ومنها الى اليونان او الى مصر . ثم إنقشع الخيال على منظر حفر قبيح حيث رأينا حفراً عميقة بعضها يصل لعشرة أمتار وعرض لا يزيد قطره عن خمسين سنتيمتراً هي آبار لكنها ليست بحثاً عن ماء للشرب بل لملاحقة سراب الذهب والفضة !! وعجبت كيف إستطاع الحافر الولوج إلى أسفل الحفرة وكم إستغرق في حفرها لأيام دون أن يلحظه أحد ؟ أما الخربة وهي في مدينة حزم الجوف فقد إنتشرت عليها أبنية ما زالت بأكملها مأهولة بالسكان ومن هذه الأبنية بيت أسس على بقية بناء أثري ما زالت أحجاره ظاهرة ، ورأينا مياه الصرف الصحي في ازقتها وضررها على الآثار في باطنها لا يقل عن أثر الناهبين والنابشين . أما مدينة معين فحالها أشد بؤساً من غيرها فالحفر في كل بقعة منها ، يحفر السراق حفراً عميقة عمودياً ثم حين يصلون إلى مسافة يتخيرونها يحفرون بإتجاه أفقي . لعل ما زاد نسبة الضرر في مدينة معين تهدم سورها الحامي لها وافتقارها إلى وسيلة حامية كالسور المشبك الذي أقيم حول مدينة براقش أسفلها . وحال مدينة السوداء ( نشق قديماً ) كحال أختيها براقش ومعين . وزرنا معبداً صغيراً يعرف بإسم معبد بنات عاد ( رصف قديماً ) ورأينا عمودين من أعمدته وقد كسرا كسراً شنيعاً ..كان السراق يظنون أنهم سيعثرون على كنز في جوف العمودين حال مدينة البيضاء ( نشان قديماً ) كحال أخواتها لكنك ستشاهد عليها دبابة أعطبت بصاروخ و بقايا ذخائر، كان المرتزقة والدواعش قد إتخذوا من هذه المدينة لإشرافها على ما حولها معسكراً يصلون الناس بنيرانهم . وسترى في إحدى بواباتها الحجرية فجوة كبيرة من قذيفة دبابة أو صاروخ . لكن العبث ليس وحده ما تشكو منه مدن الحضارة فها هم أصحاب المزارع الجديدة يستصلحون أراضي زراعية تحوم حول حمى تلك المدن وتوشك أن تقع فيها فمنها ما لا يبعد كثيرا عنها ، وفي تقديرنا ان منها ما قد يقع على إمتداد تلك المدن كالقبور التي إعتاد الاقدمون جعلها خارج المدن حواليها . ما زال في إمكاننا فعل الكثير لحماية مدن الجوف صونا لماضينا وحفظاً لتاريخنا فلا بد من قوة أمنية تتولى حراسة المدن حراسة دائمة و إذا تعذر إقامة سور من الأسلاك المشبكة - وهو ما سوف يكلف أموالاً كبيرة - فلا مناص من اقامة أعرام ( جمع عرم ) من الطين حول المدن و منع إستحداث مزارع بالقرب من أحمائها ، نرى الا تقل عن ثلاث مية متر من أسفل المدينة . عباد بن علي الهيال

11 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page